غــــربة

رغبةٌ تنضحُ من مداري

ألجُ عصورَ النار

لأستحمَّ

بشهوةِ البدايات



يباغتني حضوركِ

افتحُ الوقتَ على قهوةٍ مُرّة

وجريدة بلا تاريخ



غربتي..

مكانٌ يفرضُ رملَه على الحياة

على لغةٍ تسعى لثورةٍ ما

غربةٌ

ورحابةٌ لا يحدّها حدّ ..

تنحني لعبورِ الأسوار

لا أجسادَ هنا

لا ريحَ تداعبها الضفائر

هنا

ليلٌ ونهارٌ لا يلتقيان



أجهدُ أن ألملمَكِ من بقايا

ذاكرة تتنفسُ بركاتكِ



هينٌ الموت

هيّنٌ التيه في مفاصل الكثبان

بحثًا عن مغفرةٍ وصلاة



والله عابرٌ هنا

عابرٌ في كل مكان

أحاولُ الدوارن

علّني أراه

...

...

لا أراه..

هل تحسستِ روحَ الخوف

القلق ..

الرعبَ في العيون

هل لمستِ ناقةَ الأيام

المتلبِّدة

على الأيام

هل شممتِ رائحةَ عفن الطموح



ما العلاقة بين الغربة والغراب

بين الجوع والوجع

العشق والسفر..



أخالكِ صاعدةً في الفرح

في أرضٍ خلف الأرض

تنسجين أحلامًا بلا عتمة

وها أنا ..

أدمرُ صورةَ النوم بالأرق

وأخافُ الأحلام

لا تلومي صلافتي معكِ

انسلّت الحضارةُ مني

وسكنتني البداوة



أيُّ جرح هذا

أيّةُ غابة لا شجرَ فيها

أي بحر لا يحملُ الشوق..

يحملني إليكِ



حفرةٌ بلا قاع

أسقطُ

أسقط

أسقط

والصوتُ بلا حبال



صلّي لي

علّ العابر هنا

ينظرُني

لم يعد عندي

خميرٌ للكلام

حروفي يبست

وحُضني كلّ الانتظار



أيتها السماء

ما أقسى إيماني..

ما أشدّ سكنكِ فيّ

.. وأنا الخارج من الجنّةِ

إلى الرمل

لأحمي نزولي على سلالم العمر

من الجوع والبرد



"الغربةُ عبادةُ أصنام؛

فهجرة الأوطان لمالٍ.. وثنية

ولخوفٍ.. ضعف إيمان"

قالها العارف ومشى

لأتلوّى كالملسوع بلا دواء



والحمّى تتوالدُ مني

تستوطنني ترابًا وزرعًا وإنسانا

أهربُ

أهرب

أفضُّ أختامَ الوله

عساني أحضركِ

أرفعُ عبيرَكِ بخورًا

وأتعطّرُ بمغفرتكِ



غربةٌ تسيحُ

من روحي

من عشب جلدي

ورغبةٌ

تتسلل إلى عتباتكِ

تتركني مقتولاً

وحيدًا

تنهشني الصحراء

غنّي لي

ربما ينقطع هذا النزيف

ربما

يتوقف اندلاق موتي

ربما.. .