كيف يمارس الفلاسفة الجنس؟ | ||
عبد الله كرمون من باريس: يكتب فرنسوا بينيل مدير تحرير مجلة Lire في افتتاحيته ما يشبه مكرا سيئا إذ يقول أنه لا داعي لتخصيص عدد من المجلة لذكرى مايو/ أيار 68 وذلك، حسب زعمه، لأن الأشياء مكررة ومستعادة أكثر من اللازم منذ سنوات. لا أتفق معه تمامًا وإن كنت أجدها فكرة صائبة أن يتحدثوا عن الجنس، عوض ما قد سيفعلونه لو رجعوا إلى أرشيفاتهم واختاروا لنا منها ما يوائم المناسبة. كان أحد شعارات ثورة مايو هو "أن تمتعوا وتلذذوا وتحيوا حياتكم الجنسية بامتلاء ومن دون عراقيل". من هنا عمد جان مونتينو إلى إعداد هذا الملف الجميل حول جنس الفلاسفة وإن كان هو الذي أنجزه تقريبًا لوحده، وقد أطلق عليه كيف يمارس ويرى الفلاسفة العملية الجنسية؟ على أن الملف شمل اختيارًا لرؤى فلاسفة دون آخرين، ومن بينهم: ديوجين المستمني: ينتمي ديوجين إلى تلك الفئة من الفلاسفة المتشردين والمحرضين والذين يحيون ما يسميه الناس "حياة الكلاب". وهو نفسه المعروف بلقب ديوجين الكلب. ذلك أنه بعدما عمد إلى تزوير النقود لما اشتغل لدى والده في ضرب سكتها، فتح بذلك عالمًا جديدًا في حياته ولخّصت في هذه العملية فلسفته في الحياة: أي في عدم القبول بالمواضع، بابتكار رؤيته الخاصة للعالم وللأشياء والمخالفة بالتالي للمتعارف عليه. فهو يتسكع في أزقة وساحات أثينا أو ميغار وغيرهما من المدن اليونانية؛ متسخًا ومرتديًا لأسمال بالية؛ متخذًا سريره برميلاً دون أن يبدي أي حاجة إلى غيره. حتى أن الإسكندر الأكبر جاءه يومًا واقترح عليه أن يسأله حاجته، غير أن ديوجين لم يؤل جهدًا وصرخ في وجه الإمبراطور: تنحى فإنك تغطي بظلك الشمس عن وجهي! وعلى الرغم من أن ديوجين هذا معروف بقوته وفورانه فإنه بطل الاستمناء بلا مراء. ذلك أنه يرى في الزواج ميدانًا لتعقيدات دائمة، ذلك أنه يفضل أن يدفع لمحترفة كي يلبي رغبته، وإلا فنعم الاستمناء، حركات ذاتية من أجل انتشاء ذاتي بلا نظير. هذا هو ديوجين! القديس أوغسطين التائب: قبل أن يصير الرجل هذا قديسًا مسيحيًا يعرفه الجميع، كان رجلاً من شمال المتوسط يحب اللذة والمتعة. وكما يقال فحيثما يكثر الذنب يفيض الغفران. لكن هذا الرجل نفسه الذي سوف يتهجم بشدة على الملذات والشهوات الجسدية قد كان معاقرًا كبيرًا لعينًا ما يذمه بالتالي! على كل حال فأوغسطين تخلى عن عادات حياته السابقة إذ تاب، وصار يقول بأن النكاح وما يليه يشلل النشاط العقلاني، دون أن يوضح إن لم يكن العكس هو السليم! داء أوغست كونت: لقد تمركزت الحياة الجنسية لأبي الفلسفة الوضعية أوغست كونت حول ثلاث نساء: أولاهن بولين الأم: لقد منحت له هذه المرأة معنى الحب إذ تعرف عليها في العشرين من عمره، وكانت هي أمًّا في الخامسة والعشرين من عمرها. ثانيهن كانت كارولين العاهرة: لقد تزوج بها أوغيست بعدما التقاها في إحدى جولاته جهة "بالي روايال" بباريس، إذ كان لحظتها جد مرهق جراء العمل الذهني وكان في أمس الحاجة إلى امرأة تسنده. غير أن هذه المرأة عادت إلى حياة البغاء بعد زمن يسير سواء بسبب طبعها أو بسبب نمط حياة الفيلسوف الذي لم تنسجم معه. أما الثالثة فهي كلوتيلد القديسة: لقد رفضت كلوتيلد هذه أن ترتبط بأوغست بشكل حسي وجسدي، وقد قالت لأختها عنه "كم هو بشع! كم هو بشع!" نظرًا لحمرة الالتهاب الذي كان يكسو وجهه. غير أن هذه المرأة قد رحلت قبله، فنطق ذات يوم، قدام قبرها قائلا: "لا نستطيع أن نفكر دائمًا، لكنا نستطيع أن نحب على الدوام"! حقيقة ديدرو: على الرغم مما نعرفه جميعًا عن كتابات ديدرو التي تنزع إلى نوع من الفجورية، فإن حياة الرجل تختلف تمامًا عن الذي يجري في كتاباته من هذه الناحية، سواء بخصوص عدم اهتمامه بزوجته نانيت، نظرًا لتخلفه عن البيت العائلي بشكل متكرر. إضافة إلى رغبته في رؤية صوفي أي لويز هنريت فولون؛ حبه الكبير، في علاقة ثلاثية مع امرأة أخرى، بل يرغب في أن يختلي بها بعد تسريها مع هذه المرأة. كارل ماركس ومربية الأطفال: ليس من السهل العثور في كتابات ماركس ولا في كتابات انجلز عن ثيمة الجنس وعلى الحديث عن تجربة الرجل الجنسية. كل ما هنالك أن غريزة ماركس انصاعت إلى مربية الأطفال في البيت بالمنفى اللندني وولد له منها طفل. أليس هو القائل بأن الفلسفة بالنسبة إلى دراسة الواقع هي بمثابة العادة السرية بالنسبة إلى الفعل الجنسي؟ هايدغر واليهودية الجميلة: عرف عن هايدغر أنه كان يشد مخاطبيه وهو يدرس الفلسفة في الجامعة، حتى أنه قيل عنه إن عينيه الثاقبتين قد تزعزعان راهبة. لقد تزوج مارتن هايدغر بإلفريدة بيتري التي رعت كما يلزم واجبات البيت الزوجية. غير أن فتاة يهودية جميلة طالبة في الفلسفة بماربورغ لهوجت حياة المعلم. اسمها أنا أريندت التي سيكون لها شأن كبير فيما بعد. لقد أعجبت به هي أيضًا واعتبرته "ملكًا سريًا للفكر". كان يرغب في أن يحظى منها بأكثر من الإعجاب، غير أن الحياة قد حالت دون أن يعرفا معًا غاية حسية لمشاعرهما المشتركة. غير أنها اكتفت بأن تكرمه بعد بلوغه أكثر من الثمانين بأن صرحت أنها تعلمت منه فن التفكير! عجز سارتر: كنت مستمنيًا أكثر مما كنت فحلا! هكذا صرح سارتر. فقد كان دوما باردا حسب رفيقته سيمون دو بوفوار، على الرغم من حبه الدائم للنساء. يقول بأنه لا يجد حرجًا في حصوله على انتصاب سريع، غير أنه لا يشعر بالتالي بلذة حقيقية، بل فقط بمجرد رعشة طفيفة في نهاية العملية. لقد كتبت سيمون إلى نيلسون ألغرين بأن سارتر رجل شديد الحساسية ونشيط في كل شيء إلا في السرير! فهو يعترف بنفسه بأنه يفضل كثيرًا أن يداعب امرأة أكثر من أن يلج فيها. يشير بوضوح منقطع أن فرج المرأة فم يستجدي قضيبًا بل إنه جحر! "يستطيع سارتر أن يتخلى عن كل شيء غير أنه لا يقدر أن يتماهى في اللذة!" مثلية بارت وفوكو: قد يصدم البعض إذا علم بأن بارت صار بعد موت أمه كما جاء لدى سولرس يقحم نفسه في أمور المثلية. مثلما قد تصدمون إذا اكتشفتم بأن مادلينة بروست لم تكن سوى مجرد كعكة بسيطة كما كتب جيروم سيري. لقد عُرفت مدارات بارت بالمغرب وفي غيره. الرجل له رصيد فكري هائل ما هم ماكان. "يلزم أن نحب بارت"! فوكو نفسه كان من الضفة نفسها. لكنه رجل عظيم! الفلاسفة والجنس: لا يسع المجال لذكر كل الفلاسفة المذكورين في المجلة وعلاقاتهم بل وحياتهم الجنسية المتشعبة والمعقدة، غير أن نختم برؤيتين لفرويد في هذا السياق أولاهما أنه أكد أنه على الرغم من سنواته الطوال في دراسة الروح الأنثوية فإنه لا يزال عاجزًا عن معرفة ماذا تريد النساء بالضبط! ثانيهما تكمن في خلاصته بأن الحياة الجنسية ليست نهرًا جامدًا وإنما هي بالعكس من ذلك عروة كل صراعات الحياة النفسية! | ||