آه منا نحن معشر الحمیر
تألیف عزیز نیسن
ترجمة جمال دورمش

كنا، نحن معشر الحمیر، سابقاً نتحدث بلغة خاصة بنا، أسوة بكم معشر البشر، ?ذه اللغة كانت جمیلة
وغنیة، ول?ا وقع موسیقي جذاب كنا نتكلم ونغني . لم نكن نن?ق مثلما علی? الحال الآن. لأن الن?یق بدأ
عندنا فیما بعد، وتعلمون أن جمیع حاجاتنا ورغباتنا وحتى عواطفنا، نعبر عن?ا الآن بالن?یق.
ولكن ما ?و الن?یق؟ ?اق، ?اق.
?و عبارة عن مقطعین صوتیین، أحد?ما غلیظ وثخین، والآخر رفیع، یصدران الواحد إثر الآخر.
?ذا ?و الن?یق.. الذي بقي في لغتنا ، لغة الحمرنة، لكن كیف تغیرت ?ذه اللغة حتى أصبحت ب?ذا
الشكل؟
ألا ی?مك معرفة ?ذه الحكایة وكیف حدثت؟
حسناً إذاً ، بما أنكم ت?تمون بذلك، سأروی?ا لكم باختصار، لجم الخوف ألسنتنا وذ?ب بعقولنا ، وبسبب
الخوف نسبنا للغتنا الحمیریة.
في غابر الزمان كان یل?و حمار ?رم وحده في الغابة، یغني بعض الأغاني بلغة الحمیر ویأكل
الأعشاب الغضة الطریة، وبعد فترة من الل?و تنا?ت إلى منخری? رائحة ذئب قادم، من بعید. رفع
الحمار رأس? عالیاً وعبّ ال?واء ملء رئتی? وقال: لا یوجد رائحة ذئب، لا، لا لیست رائحة ذئب ،
وتابع ل?وه قافزاً من مكان إلى آخر، ولكن الرائحة أخذت تزداد كلما دنا الذئب أكثر. ?ذا یعني أن
المنیة تقترب.
- قد لا یكون ذئباً، قد لا یكون، ولذلك حاول الحمار ال?رم أن یطمئن نفس?، إلا أن الرائحة
كانت تزداد باطراد، فلما ازداد الذئب اقتراباً، كانت فرائص الحمار ترتعد رعباً، ومع ذلك
كان یحاول إقناع نفس? بأن القادم لیس ذئباً.
- - إن? لیس ذئباً، إن شاء الله كذلك، ولم یكون كذلك؟ ومن أین سیأتي وماذا سیفعل؟ و?كذا ظل
الحمار ال?رم یخدع نفس?، حتى بات یسمع صوتاً غیر مستحب، صوت دبیب الذئب القادم.
- إن? لیس ذئباً، لا لیس صوت ذئب، ولا یمكن أن یكون كذلك، وماذا سیعمل الذئب ?نا، ولمَ
سیأتي؟؟؟
ومع اقتراب الذئب أكثر فأكثر أخذ قلب الحمار یخفق وعیناه ترتجفان، وعندما حدّق عالیاً صوب
الجبل، رأى ذئباً مندفعاً مخلفاً وراءه سحباً من الغبار.
- آه آه.. آه إن? ذئب، وكنت أحلم بذلك؟ قد یكون خیّل إليّ أن ما أراه ذئب أو كنت أحلم بذلك.
وبعد فترة لیست طویلة رأى ذباً قادماً من بین الأشجار، مرة ثانیة حاول أن یطمئن نفس? قائلاً:
- أتمنى أن لا یكون ما أراه ذئباً، إن شاء الله لن یكون كذلك، ألم یجد ?ذا اللعین مكاناً آخر غیر
?ذا المكان؟ لقد أصاب الو?ن عیني، لذلك أخذت أرى ?ذا الشيء ذئباً قادماً.
تقلصت المسافة بین? وبین الذئب حتى أصبحت خمسین متراً. أیضاً حاول طمأنة نفس? قائلاً:
- إن شاء الله أن یكون ما أراه لیس ذئباً، قد یكون حملاً أو فیلاً أو أي شيء آخر. ولكن لمَ أرى
كلّ شيء ب?یئة ذئب؟
- - أعرف تماماً أن ما أراه لیس ذئباً ، ولكن لمَ لا أبتعد قلیلاً.
أخذ الحمار ال?رم یبتعد قلیلاً ناظراً إلى الوراء، أما الذئب فقد اقترب من? فاغراً فاه.
- حتى لو كان القادم ذئباً ماذا سیحصل... لا، لا لن یكون ذئباً، ولكن لم ترتعد فرائصي؟
ج?د الحمار ال?رم أن تكون خطوات? أسرع، حتى بات یركض بأقصى سرعة أمام الذئب المندفع.
- آه كم أنا أحمق فقد صرت أظن القطّ ذئباً وأركض ?كذا كالمعتوه، لا لیس ذئباً... زاد الحمار
من سرعت? حتى أخذت ساقاه ترتطمان ببطن? ومع ذلك استمر في خداع نفس? قائلاً:
- حتى لو كان الذي أراه ذئباً ، ف?و لیس كذلك، إن شاء الله لن یكون كذلك.
نظر الحمار ال?رم وراءه فرأى عیني الذئب تشعان وتطلقان س?اماً ناریة، وتابع ركض? مطمئناً
نفس? بقول?:
- لا ، لا یمكن أن یكون ذئباً.
نظر الحمار خلف? عندما شعر بأنف الذئب یلامس ظ?ره المبلل، فوجده فاغراً فم? فوق ظ?ره.
حاول الركض إلا أن? لم یستطع ذلك لأن قواه خانت?، فأصبح عاجزاً عن الحراك تحت ثقل الذئب،
ولكي لا یراه فقد عمد على إغلاق عینی? وقال:
- أعرف تماماً أنك لست ذئباً.
لا تدغدغ مؤخرتي إني لا أحب مزاح الید.
غرز الذئب الجائع أسنان? في ظ?ر الحمار ال?رم، ون?ش من? قطعة كبیرة، ومن حلاوة الروح،
كما یقولون، إرتبط لسان الحمار ونسي لغت?.
- آه آه إن? ذئب آه، ?و آه ?و .....
تابع الذئب الن?ش من لحم الحمار ال?رم ذي اللسان المربوط، حیث لا یصدر من? سوى آه ?و ...
?اق .... ?اق.
منذ ذاك الیوم نسینا أی?ا السادة ، ولم نستطع التعبیر عن رغباتنا وأفكارنا إلا بالن?یق.
ولو أن ذاك الحمار لم یخدع نفس?، لكنا نجید الحدیث بلغتنا إلى الآن. ولكن ماذا أقول آه منا نحن
معشر الحمیر.. ?اق ... ?اق ...



الكاتب يقصد الكثير من خلال هذه الرواية هل بإمكانك المشاركة والتعقيب ؟؟